الدكتورة....و عطية

خلال الأسبوع الأول من إلتحاقي بالعمل كطبيبة بقسم الإسعاف والطوارئ " عيادة الجراحة" ....وفي أول ساعة عمل دخل علي أحد رجال الأمن لاهثاً يخبرني بوجود حالة في العناية الفائقة تحتاج إلى كشف فهرعت خائفةً مترقبة وسألته أثناء عبورنا لأحد الممرات عن ماهية تلك الحالة فاخبرني انه شاب تعرض لحا...دث سير وقد أمرهم " عطية" بنقله فوراً إلى غرفة العناية دون المرور على عيادة الطوارئ حيث كنت ....... وعندما دخلت لغرفة العناية فإذا بي أجد شاباً في مقتبل العمر جالساً على طرف السرير يمسك بعلبة سجائر في يده اليسرى ويلوح باليمنى متوعداً ومهدداً حيث أنه لم يجد طبيباً يستقبله بعد أن أرسله " عطيه" إلى غرفة العناية ...... هدأت من روعه وفحصته وسألته عن ماهية الحادث فأجابني بلغة شباب العصر المتميع أنها كانت " مجرد طقشة " كما يقولون ، ولم يكن أمامي سوى أن أرسله إلى منزله فلم تكن الحالة تستحق حتى إجراء صورة أشعة ، وحيث أنها كانت ساعتي الأولى في العمل فلم أشأ أن أحرج نفسي بالسؤال عن " عطيه" فلربما كان أخصائي أو زميل أو طبيب إمتياز ....رغم أن السؤال ظل يدور في ذهني طيلة ذلك اليوم .....

في اليوم الثاني وخلال المناوبة المسائية دخلت علي إمراة وقور تصطحب حفيدتها التي وخزت بمسمار كانت قد إبتاعته قبل هذا المصاب الجلل بنصف ساعة (حيث أن الإصابه لاترى بالعين المجردة أو حتى بالعدسة الزيتية)... وحيث أن الحفيدة كانت تبلغ من العمر ستة سنوات وبسؤالي لها تبين أنها تلقت آخر جرعة تطعيم بالمدرسة الأسبوع الماضي ...فهي بذلك لم تعد بحاجة لتلقي التيتانوس توكسويد وشرحت للجدة كل التفاصيل بخصوص الموضوع وخرجت تشكرني وتثني علي وأخبرتني بمدى سعادتها أن تجد شابة ليبية تخدم أهل البلاد الذين سئموا من التعامل مع الطواقم الأجنبية ولا أنكر أنني كنت مزهوة بنفسي لمدة ثواني معدودة ..... حيث عادت الجدة تزمجر وكادت تقتلع باب الغرفة وتدعو علي بالوبال " ووقف الحال" أمام جمعٍ غفير من المترددين على العيادة لإنني خدعتها فقد التقت هي الأخرى ب " عطية " الذي أخبرها أن اخذ الحقنة هو أمر لا جدال فيه وذلك بعد إجراء التجربة اللازمة !!! لملمت حينها أذيال خيبتي وتركتها تنتظر سكند اوبينيون حيث كان ذلك موعد تغيير المناوبة.... وهنا تملكني الفضول لمعرفة " عطيه "!!!!

في اليوم الثالث ووسط تغيب ملفت لجميع عناصر التمريض بالفترة المسائية مما أضطرني إلى تولي بعض مهامهم كتغيير الضمادات وتعقيم الأدوات الجراحية وتحضير حقن التخدير الموضعي والأسلاك وذلك تحسباً لوقوع أي طارئ وفي خضم تلك المتاهة دخل علي أحدهم حاملاً حقنة تراي بي وطلب مني حقنها فتأسفت له على تغيب عناصر التمريض وبعثته إلى قسم الرجال الذي يبعد بضع أمتار وذلك لإنني أتفقت مع الممرضين بالأقسام أن يكونوا مستعدين لتلقي بعض الحالات وتقديم بعض الدعم إذا لزم الأمر ...وماهي إلا لحظات حتى عاد الرجل مزمجراً وأمطرني بوابل من الشتائم التي طافت على كل أفراد عائلتي فرداً فرداً....وقفت مذهوله وفهمت من سياق حديثه أن "عطيه" أخبره أنني أتقن فن إعطاء الحقن بل أن تلك هي وظيفتي الأساسية غير أنني أحاول تسريبه !!!!!!!....

تجاهلت الأمر حينها ولكنني بقيت طيلة الأسبوع لا أطلب من الله شيئاً سوى أن ألتقي بالأخ الدكتور عطيه ذلك الشبح الذي وكل بتقييم تصرفاتي .....وشاءت الأقدار أن أكون بغرفة العمليات وزميل آخر يغطي المناوبة بعيادة الطوارئ وإذا بي في آخر اللحظات من إجرائي للعملية أفاجأ بأصوات قرعٍ لا بل تحطيم لباب غرفة العمليات من قبل بعض الشباب الذين أتوا لإجراء صورة أشعة لصديقهم الذي يشعر بألمٍ في معدته!!!!! وهم يصيحون أخرجوا الدكتورة لتكتب لنا ورقةً نصور بها وحاولت إحدى الممرضات إقناعهم عبثاً بإنني لازلت أجري العمليه وبأن هناك طبيباً مناوباً بالعيادة الخارجية وفي هذه الأثناء تعالى أحد الأصوات ليخترق مسامعي وهو يردد " الدكتور هذا ماشوره شيء راهم يكذبوا عليكم وبعدين توا مافيش عمليات قاعدين يشربوا في الشاهي والقهوة" والحمد لله أنني كنت قد أتممت العملية بنجاح وسألت الموجودين عن ذلك الشخص الذي كان يصيح مردداً أسمي ومكذباً لما أقوم به فقالوا إنه "عطيييييييييييييييه" ...خرجت من غرفة العمليات لاهثه وأثار الدماء لازالت تغطيني أبحث عن ضالتي المنشودة وإذا بي ألتقيه.....

*
*
*
*
*
*

كان شاباً قد فقد السواد الأعظم من أسنانه وتلون ماتبقى منها بصبغة النيكوتين يرتدي بدلة الحراسة "أمن المستشفى" ويجلس على كرسيه الأعرج بجانب الباب الخارجي للمستشفى يحتسي 10 ليتر من الشاي برفقة زملائه الذين كانت وظيفتهم الوحيده هي السماح لكل من هب ودب بدخول المستشفى بالإضافة إلى توجيه أغلب الحالات إلى "أمة الله " صاحبة هذا المقال
وقفت مشدوهة..خانني التعبير..إستجمعت قواي الخائرة لإسأله هل أنت عطيه؟؟؟ فأجابني بنعم أستدرت لأواري دمعةً سقطت مني لم أستطع التحكم فيها وواصلت مشواري وأنا أردد" من يعيد للاطباء هيبتهم؟؟؟؟"
وفيما بعد أصبح ذلك العطيه هو مستشاري الخاص بعد أن قررت ضمه إلى هيئة الأطباء لإتقاء شره ...وكنت كلما أستقبلت حاله أمازحه قائلة : "إيش رايك ياعطيه للقسم والا العنايه" وهــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــكذا تمضي الحياه....

من مذكرات ...د.عائشة الكاسح

نعم هكدا تمضي الحياة

للأسف الواحد احيانا يتضر انه يسااااااير اللي حواليه

بصراحه ما لقيتش تعبير ينقال غير لا حول ولا قوة الا بالله

هذا حال الصحه كوضع عام فى بلادنا
نسال الله ان يغيرها الى الاحسن

بجدياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااات امر مضحك ومبكي في نفس الوقت
لا حول ولاقوة إلا بالله

ههههههههه

لكن يازوزو ليس هناك عطية واحد

انهم منتشرون, في كل مكان تجدي عطية ...ههههههههههه

** ahlam ** كتب:

نعم هكدا تمضي الحياة

للأسف الواحد احيانا يتضر انه يسااااااير اللي حواليه

وجزاك اختي الكريمة مشكورة على المرور

ولكن المسايرة بحدود من غير ما نخش في اشياء مش من اختصاصي

حبوبه كتب:

بصراحه ما لقيتش تعبير ينقال غير لا حول ولا قوة الا بالله

فعلا
مشكورة على المرور

الدرناويه كتب:

هذا حال الصحه كوضع عام فى بلادنا
نسال الله ان يغيرها الى الاحسن

اللهم امين
مشكورة درناوية وعودا حميدا

المهندسة كتب:

الله علي عطية ما حاسب في روحه للأسف هده المشكلة في العمل يتساوي جميع الموظفين بغض النظر علي الشهادات المتحصلين عليها

مشكورة جدا يا زوزو

معاك حق مافيش حدود كل واحد يعرف دوره لكن حتى الناس تساهم في التخلف اللي يصير

منورة حبيبتي على الاطلالة

عظمت الصمت كتب:

بجدياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااات امر مضحك ومبكي في نفس الوقت

لا حول ولاقوة إلا بالله

عندك حق شر البلية مايضحك

أم خالد كتب:

ههههههههه

لكن يازوزو ليس هناك عطية واحد

انهم منتشرون, في كل مكان تجدي عطية ...ههههههههههه

وهذا اللي مخلينا من العالم التالت للاسف
والا لو كل واحد يحتر اختصاصه لكان الوضع الان في احسن حال
لكن في كل مجال تلقي مفتين


مشكورة على مرورك ياعسل

هذا ليش الشعب هاجم على تونس للعلاج غادي ما فيه ولا عطية ...قالك طب الدكتورة تشاور في الافندي اللي عالباب.