القذافي
قرر وزير الخارجية الليبي السابق عبدالرحمن شلقم، والذي انشق على الزعيم الليبي معمر القذافي في بداية ثورة 17 فبراير الليبية فتح خزانة أسراره التي تكشف عن جوانب خطيرة من تصرفات القذافي ونظامه وممارساته التي وصلت إلى حد التورط في أعمال إرهابية مثل تفجير طائرة لوكيربي فوق اسكتلندا.
ومن المقرر أن يكشف شلقم عن تلك الأسرار لصحيفة الحياة اللندية في سلسلة كتابات تبدأ من يوم السبت المقبل.
ومن أبرز الأسرار التي كشف عنها وزير الخارجية الليبي السابق قيام القذافي بشراء عمر المحيشي الرائد الليبي وأحد ضباط ثورة الفاتح من المغرب بمبلغ 200 مليون دولار وذبحه كالخروف على حد قول شلقم للحياة.
وعمر عبد الله المحيشي هو ضابط ليبي من أصل شركسي وهو من مدينة مصراتة، كان برتبة رائد، وهو أحد الضباط الوحدويين الأحرار وكان من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة الليبية قام بمحاولة انقلابية في عام 1975 على نظام معمر القذافي لإساءة الأخير إلى الليبين وتعذيبهم، وانحراف أهداف الثورة الليبية عن مسارها الصحيح، لتتحول من ثورة ضد الظلم والاستبداد إلى ثورة ترسخ فيها تعذيب الليبيين وإذلالهم ومطاردتهم بوليسيًا في أنحاء العالم كافة.
وتمتاز هذه الشخصية الوطنيّة المهمة في التاريخ الليبي والمختفية قسريا، والتي وإن ذكرت فإن ذكرها لا يكون إلا عابرًا، ربما لتوجس البعض من اشتراكه في قيادة انقلاب سبتمبر 1969، والذي يعتبره الليبيون سبب نكبتهم ومعاناتهم. يضاف إلى ذلك ذكريات مرافعات المحيشي الحادة والمتجاوزة، إبان توليه مهمة المدعي العام في محكمة الشعب، ضد رجالات الفترة الملكية، الذين قضوا أحكامها سجنا لسنوات، حيث كان عمر المحيشي من أوائل من تصدي وواجه شهوة القذافي التسلطية للسلطة وانحرافه عن مبادئ الثورة، والتي أتت لكي ترفع الظلم والاستبداد عن الشعب الليبي، وحتى وصلت هذه المعارضة وفي أحد اجتماعات مجلس الثورة إلى رفع المحيشي وإشهاره رشاشه على القذافي، اعتراضًا على طغيان القذافي وإهلاكه الحرث والنسل، حيث حدث ذلك في عمر مبكر للانقلاب في سنة 1972.
ويكشف شلقم أيضا بعض الأدوار الشائكة لدور الجوار حيث قامت على حد قوله المخابرات المصرية بنقل منصور الكيخيا المعارض الليبي الكبير إلى ليبيا فلقي مصيره على أيدي نظام القذافي.
كما يتعرض شلقم إلى الملابسات الغامضة لسر اختفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا ورجح شلقم أن القذافي قد قتله.
وتشير روايات إلى أن الامام الشيعي الصدر وصل إلى ليبيا بتاريخ 25 أغسطس 1978 يرافقه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، في زيارة رسمية، وحلوا ضيوفاً على السلطة الليبية في "فندق الشاطئ" بطرابلس الغرب. وكان الإمام الصدر قد أعلن قبل مغادرته لبنان، أنه مسافر إلى ليبيا من أجل عقد اجتماع مع العقيد معمر القذافي. أغفلت وسائل الإعلام الليبية أخبار وصول الإمام الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين العقيد القذافي أو أي من المسئولين الليبيين الآخرين. وانقطع اتصاله بالعالم خارج ليبيا، خلاف عادته في أسفاره حيث كان يُكثر من اتصالاته الهاتفية يومياً بأركان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وبعائلته.
شوهد في ليبيا مع رفيقيه، لآخر مرة، ظهر يوم 31 أغسطس 1978. بعد أن انقطعت أخباره مع رفيقيه، وأثيرت ضجة عالمية حول اختفائه معهما، أعلنت السلطة الليبية بتاريخ 18 أغسطس 1978 أنهم سافروا من طرابلس الغرب مساء يوم 31 أغسطس 1978 إلى إيطاليا على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية. وجدت حقائبه مع حقائب فضيلة الشيخ محمد يعقوب في فندق "هوليداي ان" في روما وأجرى القضاء الإيطالي تحقيقاً واسعاً في القضية انتهى بقرار اتخذه المدعي العام الاستئنافي في روما بتاريخ 12 أغسطس 1979 بحفظ القضية بعد أن ثبت أن الامام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية. وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الإيطالي الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا.
أبلغت الحكومة الإيطالية رسميًا، كلاً من الحكومة اللبنانية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، وحكومة الجمهورية العربية السورية، وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن الامام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الاراضي الإيطالية ولم يمروا بها "ترانزيت". أوفدت الحكومة اللبنانية بعثة أمنية إلى ليبيا وإيطاليا، لاستجلاء القضية فرفضت السلطة الليبية السماح لها بدخول ليبيا، فاقتصرت مهمتها على إيطاليا حيث تمكنت من إجراء تحقيقات دقيقة توصلت بنتيجتها إلى التثبت من أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد والطائرة الذين حددتهما السلطة الليبية في بيانها الرسمي.
ومن بين الجوانب الخطيرة التي أماط شلقم عنها اللثام وفتح خزانة أسرار حلم القذافي بتقسيم السعودية ومحاولة اغتيال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
كما يتطرق إلى شخصية القذافي ورغبته الجامحة في أن يعلن نفسه ملكا لملوك أفريقيا ويتناول أيضا قصة أسلحة الدمار الشامل وتهديد الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن له والدور الباكستاني في دفع القذافي لتسليم والكشف للغرب عن أسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والكيمياوية لديه عقب غزو العراق والتخلص من صدام حسين أحد أهم أعداء الرئيس بوش وأمريكا.